الاثنين، يوليو ١٦، ٢٠٠٧

والعنب



اليوم هو السابق لوقفة عرفات مباشرة غدا الوقفة وبعدها سيكون العيد الكبير
راجعت نان الخياط عدة مرات خلال اليوم
للتأكد من أن الجلابية الجديدة ستكون جاهزة للاحتفال بالعيد
كانت قطعة قماش أهداها لي احد أعمامي القادمين من الكويت
بها خطوط زرقاء وأخرى بيضاء
لا تختلف عن باقي قطع الأقمشة سوى في تخانة الخطوط
خلصت الجلابية يا خواجة:
نظر لي بعينيه الضيقتين
ثم استكمل الضغط برجله على ماكينة الخياطة
ويداه تشدان قطعة القماش من أسفل إبرة المكنة في الاتجاه الأخر عن جسده النحيل
لسه.......تعالى بعد المغرب:
برضه لسه كل شوية لسه لسه:
لم يعرني اهتماما
كدت أشيط من الغيظ
ترددت في أن أبكي
ولكن اعلم أنه لن يعيرني اهتماما أيضا
ولن يفيد بكائي
لكني كنت في منتهى الضيق
اكره – حتى الآن- تلك الأشياء التي لا تأتي في موعدها الذي انتظره
رددت بيني وبين نفسي
العيد الجاي مش هجيب جلابيتي هنا
هقول لأبويا يوديها لأسعد الخياط
ولا احسن لخياطين نقادة
ارتددت للخلف
كان ماضي يجلس ممازحا أبو الحسن أب عطية
مرتديا جلابيته الصوف السوداء
وتحتها جلابية بيضاء
بينما يحمل على كتفه جلابية أخرى
بدا الشراب الجديد بلونه البني
كقطعة ارض بور وسط حقول البرسيم
يضحك ممسكا بسيجارة من نوع الكيلوباترا
وقد ركب في نهايتها فلتر
وبدا من علية القوم
أكيد انهاردة فيه كتب كتاب بنت من بنات البلد
تخصص ماضي في إحضار المأذون عند كتب الكتاب لأي زيجة تتم داخل القرية
كان هو المختص بالتعامل مع المأذون
وإحضار قسيمة الزواج بعد ذلك
- بعد هذا اليوم بإحدى وعشرون عاما ذهبت إليه لكي يذهب معنا للمأذون
عند زواج أولى أخواتي ولكن مرضه منعه من الحركة فطلب من ابنه الأكبر الذهاب معنا-
تحركت في طريق السوق
ذاك الطريق الذي يمتد بطول القرية من الشمال للجنوب
رابطا بين القرية التي تسبقنا
والأخرى التي تلينا
كانت بقايا المصلين تتمدد من ناحية المسجد
بعد الانتهاء من صلاة العصر
كان الجو خريفيا
الشمس تميل نحو الغروب
صارت أشعتها أكثر ألفة عنها ساعة الظهيرة
بينما اردد اللعنات على نان
تحلق عدد من أطفال القرية
من هم في سني
أو اكبر قليلا
حول عجل ضخم مربوط في عمود الكهرباء
ذاك الذي يلاصق بيت توفيق أب حيا(1)
ويبدو وكأنه وسط الشارع للقادم من ناحية المشروع(2) الشرقي
كان سعيد أب الحاج احمد يقف في وسط الدائرة
يروض العجل
ويحكم الصريمة(3) التي التفت حول رأسه
وأذنيه وقرنيه
دار حوله دورة شبه كاملة
ممسكا خرزانته
أشار إلينا أن نبتعد
قبل أن يبدأ في فك الطرف الأخر من الصريمة من حول عمود النور
امسك بالطرف الأخر من الصريمة
وشد العجل
حتى أصبح في وسط الوسعة تماما
وقف لحظات يعاجل العجل بضربات من الخرزانة
حتى هدأ العجل عن الحركة
حينها بدأ يجذبه خلفه
مرددا بصوت جهوري
والعنب:
كنا نرد خلفه في صوت واحد
رمانه طاب:
استاهل:
استاهل:
بدأ يمرق في شوارع القرية الضيقة
شارعا بعد أخر
بينما عدد الأطفال يتزايد مع كل شارع يقطعه
جاء بعضهم ممسكا ببعض علب الصفيح الفارغة
التي كانت تحدث أصواتا متداخلة مع هتافنا
رمانه طاب:
يقف سعيد اب الحاج احمد عند كل وسعة
او ملقة(4)
أو ناصية درب مغلق
لدقائق
يستمر بعدها في المسير
والعنب:
تنقلنا من شارع إلى شارع
ومن درب إلى درب
حتى انحسرت أشعة الشمس خلف الجبل الغربي
وبدأ الأطفال في التسلل عبر الدروب الجانبية
عودا للمنازل
خوفا من الدبيب(5)
حيث لا ينتعل أيا منا شيئا
يحمي قدميه من لسعات العقارب
تسللت نحو منزلنا
كانت أمي تقف على عتبة الدار
كنت فين يا واد:
كنا لافين ورا العجل:
والجلابية؟:
لم ارد عليها
أسرعت نحو فرشتي الممددة على ارض الغرفة
لكي أنام من شدة التعب
غير مبال بكل هذه الأوساخ التي قد تعلقت بقدمي
***************************************
(1) توفيق يحيى واعتاد اهل البلد بنطقه توفيق ابا حيا للتخفيف
(2) ترعة من الناحية الشرقية للبلد نسميها المشروع الشرقي
(3) حبل يصنع من ليف النخيل ويجهز لتربط به الماشية
(4) أي براح داخل القرية اعتقد ان اصله ملتقى وحرفت
(5) ما يدبي على الارض من حيات وعقارب وزواحف




التسميات:

8 Comments:

At الثلاثاء, يوليو ١٧, ٢٠٠٧ ٤:١١:٠٠ م, Blogger شجره الدر said...

رمانه طاب
زافيين العجل يالهوى
دانت كنت ولد تشرد حقيقى
بتلف ورا العجل

بس ذكريات تستحق الكتابه
بحب فيك ياشنوبى لغتك المليئه بمفردات لم اسمع بها من قبل
نوهائى
ياتشرد
سلام

 
At الأربعاء, يوليو ١٨, ٢٠٠٧ ١٠:٥١:٠٠ ص, Blogger ... said...

أول مرة آجى هنا
الكلام دة بجد؟
يعنى عشته فعلاً
إنك تلف ورا العجل حافى

أبنودى جديد
!!!
البوست دة رائع بجد..أول مرة من مدة أقرا حاجة جميلة كدة
تحياتى لك

 
At الجمعة, يوليو ٢٠, ٢٠٠٧ ١٢:١٩:٠٠ م, Blogger خمسة فضفضة said...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جميله جدا جدا
عيشتني فعلا جوا المشهد

وزي ما حلم بتقول حسيت اني بقرأ للابنودي


اول مره اكون هنا وان شاء الله مش هاتكون الاخيره

 
At الجمعة, يوليو ٢٠, ٢٠٠٧ ٦:١٠:٠٠ م, Blogger Unknown said...

قصة جميلة

تعيدني الى جو القرية

لغة نابتة من تربة خصبة مليئة بالحكايات

مفردات غير معتادة

تداخل الأحداث والصور يأخذنا الى داخل المشهد

نهاية سعيدة بنسيان البطل الطفل مشكلة الجلباب

وباستمتاعه بالجو المهرجاني للعيد


سلمت يداك

 
At الأحد, يوليو ٢٢, ٢٠٠٧ ٢:٠٧:٠٠ م, Blogger أبوشنب said...

شجرة الدر

نوهائي يا شجرورتي

يا درورتي

نو ها ئي


حلم

ومالك كدة بتعلقي بقرف

لا دي متعة

يصعب عليكم يا اطفال الغرف المظلمة

ان تستشعروها

وسمعيني صوتك

والعنب

............

خمسة فضفضة

لا مش للأبنودي

على فكرة الابنودي امه كانت حامل بيه على نفس ارض القرية بتاعتي
لكنه لم يولد فيها
كي يترك لي الفرصة
كي احكي ذكرياتي انا
وحدي


جيرونيمو

ايه الادب ده يا نبقة

وايه البلاغة دي

وكلمات كدة فخمة

تعيدني ولغة ومفردات والمهرجاني

مش هتعرفي تكلميني بعد كدة

 
At الخميس, يوليو ٢٦, ٢٠٠٧ ١:٥٧:٠٠ ص, Blogger ... said...

قرف؟؟؟
لو كان قرف ما كنتش عملتلك فرح فى مدونتى
انا غلطانة
:)

معلش لو كان خاننى التعبير
بس انا حقيقى استمتعت بكتابتك

 
At الخميس, نوفمبر ١٧, ٢٠١١ ١١:٥٠:٠٠ ص, Anonymous زواج النادى said...

شكرا على البوست الشيق ده

 
At الأربعاء, مارس ١٩, ٢٠١٤ ٨:٥٠:٠٠ ص, Anonymous غير معرف said...

حاجة روعة ياخال بس انت روحت جبت الجلابية من نان ولا نسيتها ولحمة العجل كانت تيجينى لحد البيت موسم

 

إرسال تعليق

<< Home

اسمع